(مديرية نهم)
موطن الثروات المعدنية، ومعامل انتاج الفضة قبل الإسلام وبعده،
وموطن أشهر الوزراء في عهد الدولة القاسمية
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء نقدم لك مديرية نهم التي كانت من أهم مصادر ثراء اليمن قبل الإسلام وبعده، وكانت موئلاً للتجارة العالمية في مجال الفضة والثروات المعدنية التي كانت سبب رخاء اليمنيين قبل الإسلام وحتى القرن الثالث الهجري، ومن المعلوم أن واقع المجتمع اليمني في عصرنا الحاضر كواقع دول العالم تتحكم فيه العوامل الاقتصادية، ولو حلينا المشاكل الاقتصادية لحلينا كل مشاكل المجتمع اليمني، ومنها ما يسمى بالحراك الجنوبي، وما يسمى بالحراك الشمالي، وظاهرة الفقر والبطالة.
فها هي نهم ومأرب والجوف وحجة وشبوة وصعدة، ومحافظة صنعاء وحضرموت وإب والحديدة جبالها وحصونها وقصورها مليئة بالثروات المعدنية من ذهب وفضة، وكافة أنواع المعادن التي تستخدم في كافة الصناعات المعاصرة والتي يعرفها الغرب جيداً.
وهاهي الجزر اليمنية مليئة بالثروات مثل اللؤلؤ والمرجان، وهاهي إب بمناظرها الخلابة وحصونها وقصورها تكاد تكون دخلاً قومياً يشابه النفط.
إننا نملك ثروات متعددة ومتنوعة تكاد أن تكون كل ثروة على حدة قادرة على أن تجعل اليمنيين يعيشون حياة رغيدة هنية، ولكن اليمنيين يعيشون الآن في تناحر وتشاجر بين مكونات هذا الشعب شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وهم مشغولون بالحروب التي دارت بين علي ومعاوية قبل ألف وأربعمائة عام.
أين عقولنا أيها اليمنيون؟ احذروا ثم احذورا من الذين يستثمرون جهلكم وفقركم ودماءكم، الحل ليس في كثرة الأحزاب، لأن الأحزاب جزء من المشكلة، والحل ليس في دول الخليج، وليس في المساعدات الدولية المشروطة، الحل في قدرتنا على استكشاف ثروات بلادنا واستثمارها، وإلا سنظل في أماكننا دون أن نحرز أي تقدم، وسيظل الحقد على بعضنا البعض والحسد والبغضاء ينهش في مجتمعنا وسنغرق في مستنقع الكراهية.
نهم
نهم: وردت في قواميس اللغة (لسان العرب لابن منظور، وشمس العلوم لنشوان الحميري) بأنها بطنٌ من همدان، منهم عمرو بن بَرَّاقة الهمداني ثم النِّهْمِي.
ومديرية نهم إحدى مديريات محافظة صنعاء، تقع في الجزء الشمالي منها. يحدها من الشمال محافظة الجوف( مديريتا:المطمة والمصلوب)، ومن الجنوب مديرية بني حشيش، ومحافظة مأرب (مديرية حريب القراميش)، ومن الشرق محافظة مأرب (مديريات:مدغل الجدعان، مجزر، صرواح)، ومن الغرب مديرية أرحب، وأمانة العاصمة. وتبلغ مساحة المديرية (1983كم2)، ومركز المديرية مدينة المديد، وتضم المديرية (87)قرية تشكل (4عزل) هي: (الحنشات، عيال صياد، عيال عفير، عيال منصور). وبلغ عدد سكانها في التعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م (42275نسمة).
أودية نهم
تمتاز المديرية بالعديد من الأودية أهمها: وادي نملة، وادي العطف، وادي الصيف، وادي العرضة، وادي ملاحة، وادي برابر. وتصب مياه نهم (أودية نهم) في الجوف، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف.
وتشتهر مديرية نهم بالثروة الزراعية والحيوانية، حيث تقدر المساحة المزروعة بـ(2177)هكتاراً من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة البالغة (4079)هكتاراً. وتشتهر المديرية بزراعة العنب والحبوب. وتتوزع المنشآت المائية القائمة بالمديرية في (7)سدود و (10) حواجز مائية حيث تبلغ السعة التخزينية لمجمل تلك المنشآت (3701680)م3، فيما يقدر حجم الثروة الحيوانية بـ(1600)رأس جمال، (7721)رأس بقر، (43542)رأس ضأن، (27672) رأس ماعز، و(13524) دجاجة، و(82) خلية نحل.
وتحتوي مديرية نهم على العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، مثل: موقع جبل ماشور، موقع جبل العوران بمنطقة بيت معصار عيال منصور، والذي يوجد به مسجد وبقايا سوق قديم، وأن فيه قبر النبي أيوب وزوجته. إضافة إلى وجود حمام طبيعي في الجبل ويعتبر من المزارات السياحية التي يرتادها السواح.
ومن أشهر جبال مديرية نهم جبل يام، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو موطن قبيلة يام القديمة، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام "أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة (1250هجرية).
ونهم: بكسر النون وسكون الهاء. قبيلة مشهورة من قبائل بكيل. سُميت نسبةً إلى نِهْم بن عمرو ابن ربيعة بن مالك بن معاوية بن صَعب بن دومان بن بكيل. أما ديارها فتقع في الشرق الشمالي من مدينة صنعاء؛ حيث تشكل في أعمالها "مديرية" من مديريات محافظة صنعاء.
وقبيلة نهم من أهم القبائل اليمنية في الشمال وقد كان لها شهرة وصيت، ولا سيما قبل الإسلام، وقد ذكرها الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب بأنها كانت من أهم مصادر الثروات المعدنية في اليمن، ولا سيما منجم الرضراض الذي كان يستخرج الفضة منه.
وقد اشتهرت من نهم العديد من الشخصيات اليمنية من العلماء والوزراء والسياسيين والإداريين والمشائخ على مر العصور، والتي لعبت دوراً في تاريخ اليمن المعاصر سواء في ثورة 1948م أو ثورة 1958م أو ثورة 26سبتمبر 1962م، وآل أبو لحوم من كبار زعماء نهم من بكيل، وأشهرهم الشيخ سنان أبو لحوم (اطال الله عمره) الذي ارتبط نضاله برموز الحركة الوطنية: الزعيم المرحوم القاضي محمد محمود الزبيري وتوائم روحه الزعيم الوطني الكبير الاستاذ المرحوم احمد محمد نعمان والاستاذ المناضل الكبير اطال الله عمره محسن احمد العيني وغيرهم، والذي لعب دوراً كبير في الدفاع عن ثورة سبتمبر في المجال السياسي والعسكري، وأشهر أولاده الدكتور/ طارق أبو لحوم الذي أسس مستشفى العلوم والتكنولوجيا، وجامعة العلوم والتكنولوجيا ، والمهندس عبدالرب سنان أبو لحوم الذي كان له دور بارز في مجال النفط والاهتمام بالكنوز الحضارية، حيث أنه اقتنى العديد من القطع الأثرية النادرة والتي تشكل لوحدها متحفاً حضارياً ، وله طموح اقتصادي كبير باستغلال معادن اليمن التي توجد في منطقة نهم، وأهمها إنشاء سكة حديد لنقل كافة المواد الخام من المعادن اليمنية. وعلاقتي به علاقة صداقة ومحبة من القاهرة في بداية السبعينات من القرن الماضي، ومنهم المرحوم/ محمد عبدالله أبولحوم الذي كان محافظ محافظة حجة، ومنهم أخوه علي عبدالله أبو لحوم الذي كان من أوائل الضباط الذين قاموا بتفجير ثورة 1962م، والذي قام باحتلال الإذاعة في فجر 26سبتمبر1962م، وابنه السياسي المتزن المعروف محمد علي أبو لحوم.
ومن نهم أيضاً آل معصار؛ قبيلة وبلدة بمديرية نهم لهم الزعامة على قبية عيال منصور، ومن معاصريهم الشيخ محمد معصار، وهم في الأصل من قبائل مرهبة من نهم من بكيل. ومن نهم كذلك آل الشليف: وهم مشائخ عيال عفير في بلاد نهم. ديارهم في منطقة الحنشات منهم الشيخ درهم شايف الشليف المتوفي سنة 1418هـ 1997م. ومن مشائخ قبيلة نهم آل حاتم، منهم الشيخ يحيى بن علي حاتم، أحد مشائخ نهم في أول القرن الثالث عشر الهجري، ومنهم السياسي الشهير حاتم أبو حاتم الذي اشتهر بمحاربة الظلم والاستبداد وهو زميلي في الدراسة واخيه المهندس ناجي ابو حاتم الذي كان له دور في تصميم وادارة وتشغيل سد مأرب . وتقع منازل آل حاتم في قرية (بَرّان) الواقعة في وادي المنبج (الوادي الرابع من أودية الجوف ببلاد همدان). ومن مشائخ نهم بيت السداح.
ونهم موطن الثروات المعدنية والزارعية، والذهب والفضة.
وتنقسم قبائل نهم إلى الفروع التالية:
عيال غفير، ومنهم: بيت الشِلَيف وآل أبو حاتم ، والمَطَّيْرَه، والنِعَيْمَات، وبني بارق.
ثم الحَنَشَات، وهم: بيت عاصم، وبيت زهير، والجفور، والقمحيات.
ثم الجدعان في الجوف، ومنهم: آل حرمل، وآل جمعان، وآل خُضير.
ثم عيال منصور، ومنهم: بني مرهبه، وعِذَر مطره، وبني معصار، وبيت الذيب،
ثم عيال صِيَادْ، وهم فرعان: آل عواض، وآل فهد. ومن كبار مشائخ قبيلة نِهم: آل أبو لحوم، وآل مِعصار، وآل الشِليف، وآل الأعوج، وآل حاتم، وآل مريط. أما أهم بلدانهم فنذكر منهم: المديد، النخيله، النمصه، بَرّان، غيل الشليف، جبل يام، الخارد، ضبوعه، هران، الوقشه، قُطبين، حوره، وغيرها.
ومن أهم المعالم والآثار التاريخية في نهم:
منجم الرضراض
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه "الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة"، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها، وما تحوي من أشجار ومصادر مياه، والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم. وبالاعتماد على وصف "الهمداني" تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة (كرسيتان روبان)، ومجموعة من الجيولوجيين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم، في جبل صلب في "نهم"، الواقع في الوادي الفاصل – الحد – بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي (40كيلومتراً)، وقد ذكر "الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل "محمد بن يعفر" الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة (258هجرية) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف، وفتح حضرموت، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله، ولكنه في سنة (262هجرية) استخلف على الولاية ابنه "إبراهيم"؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، وخلالها جدد له الخليفة "العباسي الموفق" الولاية، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه "إبراهيم" الذي تولى الحكم من (262-272هجرية) بأمر من جده "يعفر" الذي أمره بقتل أبنائه "محمد" و "أحمد" سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه "محمد"، وعمه "أحمد" أبناء "يعفر" – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل (عشرين ألف درهم) ، أي ما يقابل (ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة) سنوياً، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه، وكان يقدر عددها بحوالي (أربعمائة فرن)، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم. وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر. أما مساحة المنجم فهي تقارب (عشرة هكتارات) تقريباً، ويتكون من منجم مكشوف و (ثلاثين سرداباً) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع، وأكبرها طوله حوالي (150متراً) وعرضه (30-40متراً) وارتفاعه (بضعة أمتار)، وله (عشرة آبار) عمقها يتراوح فيما بين (10-25متراً)، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام.
هجرة بهمان
بَهمان: قرية عامرة في رُبع عيال صَيّاد من نهم، وأعمال صنعاء في الشمال الشرقي منها، وتبعد عنها بنحو أربعين كيلو متراً تقديراً. كانت هجرة مشهورة، وصفها المقرائي في كتابه (مكنون السر) بقوله: "وهذه الهجرة من محاسن الجهة، وأهلها فقهاء فضلاء، أهل معارف، ونساؤهم كرجالهم في الديانة وقراءة القرآن. وقد نشأ منهم جماعةٌ في هذا الزمان نرجو بلوغهم الدرجات العاليات". ثم قال: "وهذه الهجرة هجرها الأعيانُ، وصرفوا فيها العنايات، وأخذوا لها الكفالات من القبائل وأهل الولايات، وأسسها أهاليهم على مقتضى حسن النيات، ووقف لها أهل الفضل والديانات، وعلى مسجدها الوقوفات الصالحات المعتبرات، وجعلوا مصرفها أهل العلم والحاجات، ومن وفد إلى مسجدها من المستحقين وأهل الطرقات، حتى صارت مقصودة لجميع الإرادات". ثم وصف المقرائي في كتابه المذكور ما جرى لهذه الهجرة ولأهلها من المحن فقال: "نعم لما أشرف علينا زمنٌ تغير فيه أهله، وانخلعوا عن الدين، ورفضوا الحق المستبين، وواخوا الشيطان و عصوا الرحمن حتى أفضى ذلك إلى هتك المحارم، ولم يبق شيء من قواعد القبائل قصد من قصد ممن اتصف بهذه الرذائل هتك أهل العلم وأهل الفضل، وإنزالهم عن درجاتهم؛ وكان من أعظم ذلك أن قصد جماعة من القبائل الكافلين لهجرة (بهمان) بيت الفقيه عماد الدين بن علي بن رفيق الله لنهبه بالليل، وطلعوا البيت من عرضه، ونهبوا ما فيه، وقتلوا الفقيه ظلماً وتعدياً، وهو متوقي عن نفسه وماله فقتل شهيداً مظلوماً في أحد شهور سنة 962هـ.
ومن العجيب أن القبائل من نهم وخولان الكافلين لهذه الهجرة لم يقوموا بواجبهم من الدفاع عنها في ذلك الحادث". وكانت هذه الحادثة من أسباب تحول أهل العلم عن هذه الهجرة وعن هجر أخرى في وادي السر، وانتقالهم حصن ذي مرمر، وإلى هجرة بني جرموز.
وعندما تصفحنا كتاب (مكنون السر في تحرير نحارير أهل السر) تأليف العلامة يحيى المقرائي وتحقيق العلامة زيد بن علي الوزير، لم نجد أي إشارة تفيد إلى أن هجرة بهمان تنتمي إلى ربع عيال صياد بنهم، وقد نُسبت هذه الهجرة إلى نهم (ربع عيال صياد) في كتاب القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع (هجر العلم ومعاقله في اليمن).
من أعلام مدينة نهم
1- أحمد بن حسن بن سعيد بركات: الصنعاني سكناً وموئلاً وأدباً، والنهمي نسباً، الفقيه الأديب اللوذعي الأريب، له شغلة بالعلوم، ويقرئ في الكثير منها، ويميل كثيراً إلى المفاكهة والمجالسة والمؤانسة، مع طبع لطيف، وأدب غض تحيف، وشعر رائق، وفكر دافق، غير مشغول بالدنيا، ولا سائل عنها، ولا يقول على أحد، لا تراه إلا باسماً، ولروح ريحان الأدب ناسماً، ومن شعره ما قاله:
أنا عند الجفاء أزداد ودًّا
لخليلي إذا جفاني الخليلُ
أصِلُ القاطعين في هذه الدا
ر لعلمي بأنها ستزولُ
مولده ليلة الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة 1125هـ، وتوفي في شهر محرم سنة 1196هـ.
2- الوزير احمد ابن علي بن هادي النهمي: المتوفي سنة 1186هـ وقد كان وزيرا للمهدي العباس لأكثر من خمسة وعشرين عاما , كما كان له اشتغال بفنون الأدب .
3- الوزير عبدالله بن احمد النهمي: وقد خلف والده أحمد بن علي بن هادي النهمي وزير المهدي العباس في الوزارة، وتوفي سنة 1196 هـ بعد أن أمضى في الوزارة نحو عشر سنوات.
4- العلامة المحقق عبدالله بن إسماعيل بن حسن بن هادي النهمي: أحد شيوخ الإمام الشوكاني، وقد ترجم له الشوكاني في كتابه (البدر الطالع) بقوله: لعله ولد بعد سنة 1150هـ ونشأ بصنعاء وكان والده والياً عليها؛ فقرأ على جماعة من مشائخها وبرع في النحو والصرف، وشارك مشاركة قوية في المنطق والمعاني والبيان والأصول ودون ذلك من الفقه والحديث والتفسير، ودرّس وانتقع به الطلبة. وهو أحد شيوخي في أوائل طلبي للعلم، ومات رحمه الله في شهر صفر سنة 1228هـ.
5- العلامة الفقيه المحقق علي بن إسماعيل بن حسن بن هادي النهمي الصنعاني: وهو الآخر ترجم له الشوكاني فقال في حقه: وهو بارع الذكاء، فائق الذهن، جيد الإدراك، حسن الأخلاق، كريم الصحبة، وله شغلة كبيرة بالعلوم العقلية والنقلية، واستفاد بفضل ذهنه الوقاد من غريب المسائل عجائب، وله ميل إلى الأدلة وعمل بما يصح منها. وله شعر، ضمنه معاني دقيقة نفيسة، وله إقبال على معالي الأمور، ورغبة في الشرف. مات سنة 1232هـ.
6 - اللواء محمد بن علي بن حسين النهمي: من المشاركين في تفجير ثورة 26 سبتمبر1962م، تولّى العديد من الأعمال القيادية في الجيش، عمل أميناً عاماً في المجلس المحلي الأول في صنعاء، ثم عمل سكرتيراً عاماً لمنظمة مناضلي الثورة اليمنية. وقد نشر مذكراته في جريدة الوحدة.
7 عبدالله بن محمد النهمي: مهندس اتصالات، وإداري قدير. هو الآخر له دور في العمل الوطني، من خلال عمله في الاتصالات السلكية واللاسلكية، وقد تولى أعمالاً إدارية كان آخرها رئيساً للمؤسسة العامة للاتصالات. وكان من زملائي في العمل، واشتركنا في تأسيس المؤسسة العامة للاتصالات مع عدد من الزملاء في وزارة المواصلات في حينها، وكان يتمتع بالكثير من الصفات الحسنة، وأهمها نزاهته وحبه لوطنه، ولم تتلوث يداه بالفساد..
ومن المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال: (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (اليمن الكبرى/ للأستاذ حسين بن علي الويسي)، (معالم الآثار اليمنية/ إعداد القاضي حسين أحمد السياغي/ من إصدارات مركز الدراسات والبحوث اليمنية – صنعاء)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (الموسوعة السكانية/للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (الموسوعة اليمنية/ من إصدارات مؤسسة العفيف الثقافية)، (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي/ للقاضي المرحوم إسماعيل الأكوع)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للمرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن دراسة موجزة للمحافظات/ تأليف المرحوم الأستاذ عبدالله بن أحمد الثور/ مطبوعات مطبعة الاستقلال الكبرى – القاهرة)، (شمس العلوم/ للعلامة الموسوعي نشوان الحميري)، (لسان العرب/ لأبن منظور)، (الإكليل/ للهمداني/ من إصدارات وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء/ مطبوعات 2004م)، (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع/ للقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني/ جمعه محمد محمد يحيى زباره/وضع حواشيه خليل المنصور)، (محافظة صنعاء وخيرات الوحدة 1990-2005م/ من إصدارات محافظة صنعاء)، (مكنون السر في تحرير نحارير السر/للعلامة المرحوم يحيى بن محمد بن حسين بن حميد المقرائي/ تحقيق العلامة زيد بن علي الوزير). ومن المراجع الالكترونية موقع المركز الوطني للمعلومات
موطن الثروات المعدنية، ومعامل انتاج الفضة قبل الإسلام وبعده،
وموطن أشهر الوزراء في عهد الدولة القاسمية
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء نقدم لك مديرية نهم التي كانت من أهم مصادر ثراء اليمن قبل الإسلام وبعده، وكانت موئلاً للتجارة العالمية في مجال الفضة والثروات المعدنية التي كانت سبب رخاء اليمنيين قبل الإسلام وحتى القرن الثالث الهجري، ومن المعلوم أن واقع المجتمع اليمني في عصرنا الحاضر كواقع دول العالم تتحكم فيه العوامل الاقتصادية، ولو حلينا المشاكل الاقتصادية لحلينا كل مشاكل المجتمع اليمني، ومنها ما يسمى بالحراك الجنوبي، وما يسمى بالحراك الشمالي، وظاهرة الفقر والبطالة.
فها هي نهم ومأرب والجوف وحجة وشبوة وصعدة، ومحافظة صنعاء وحضرموت وإب والحديدة جبالها وحصونها وقصورها مليئة بالثروات المعدنية من ذهب وفضة، وكافة أنواع المعادن التي تستخدم في كافة الصناعات المعاصرة والتي يعرفها الغرب جيداً.
وهاهي الجزر اليمنية مليئة بالثروات مثل اللؤلؤ والمرجان، وهاهي إب بمناظرها الخلابة وحصونها وقصورها تكاد تكون دخلاً قومياً يشابه النفط.
إننا نملك ثروات متعددة ومتنوعة تكاد أن تكون كل ثروة على حدة قادرة على أن تجعل اليمنيين يعيشون حياة رغيدة هنية، ولكن اليمنيين يعيشون الآن في تناحر وتشاجر بين مكونات هذا الشعب شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وهم مشغولون بالحروب التي دارت بين علي ومعاوية قبل ألف وأربعمائة عام.
أين عقولنا أيها اليمنيون؟ احذروا ثم احذورا من الذين يستثمرون جهلكم وفقركم ودماءكم، الحل ليس في كثرة الأحزاب، لأن الأحزاب جزء من المشكلة، والحل ليس في دول الخليج، وليس في المساعدات الدولية المشروطة، الحل في قدرتنا على استكشاف ثروات بلادنا واستثمارها، وإلا سنظل في أماكننا دون أن نحرز أي تقدم، وسيظل الحقد على بعضنا البعض والحسد والبغضاء ينهش في مجتمعنا وسنغرق في مستنقع الكراهية.
نهم
نهم: وردت في قواميس اللغة (لسان العرب لابن منظور، وشمس العلوم لنشوان الحميري) بأنها بطنٌ من همدان، منهم عمرو بن بَرَّاقة الهمداني ثم النِّهْمِي.
ومديرية نهم إحدى مديريات محافظة صنعاء، تقع في الجزء الشمالي منها. يحدها من الشمال محافظة الجوف( مديريتا:المطمة والمصلوب)، ومن الجنوب مديرية بني حشيش، ومحافظة مأرب (مديرية حريب القراميش)، ومن الشرق محافظة مأرب (مديريات:مدغل الجدعان، مجزر، صرواح)، ومن الغرب مديرية أرحب، وأمانة العاصمة. وتبلغ مساحة المديرية (1983كم2)، ومركز المديرية مدينة المديد، وتضم المديرية (87)قرية تشكل (4عزل) هي: (الحنشات، عيال صياد، عيال عفير، عيال منصور). وبلغ عدد سكانها في التعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م (42275نسمة).
أودية نهم
تمتاز المديرية بالعديد من الأودية أهمها: وادي نملة، وادي العطف، وادي الصيف، وادي العرضة، وادي ملاحة، وادي برابر. وتصب مياه نهم (أودية نهم) في الجوف، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف.
وتشتهر مديرية نهم بالثروة الزراعية والحيوانية، حيث تقدر المساحة المزروعة بـ(2177)هكتاراً من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة البالغة (4079)هكتاراً. وتشتهر المديرية بزراعة العنب والحبوب. وتتوزع المنشآت المائية القائمة بالمديرية في (7)سدود و (10) حواجز مائية حيث تبلغ السعة التخزينية لمجمل تلك المنشآت (3701680)م3، فيما يقدر حجم الثروة الحيوانية بـ(1600)رأس جمال، (7721)رأس بقر، (43542)رأس ضأن، (27672) رأس ماعز، و(13524) دجاجة، و(82) خلية نحل.
وتحتوي مديرية نهم على العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، مثل: موقع جبل ماشور، موقع جبل العوران بمنطقة بيت معصار عيال منصور، والذي يوجد به مسجد وبقايا سوق قديم، وأن فيه قبر النبي أيوب وزوجته. إضافة إلى وجود حمام طبيعي في الجبل ويعتبر من المزارات السياحية التي يرتادها السواح.
ومن أشهر جبال مديرية نهم جبل يام، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو موطن قبيلة يام القديمة، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام "أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة (1250هجرية).
ونهم: بكسر النون وسكون الهاء. قبيلة مشهورة من قبائل بكيل. سُميت نسبةً إلى نِهْم بن عمرو ابن ربيعة بن مالك بن معاوية بن صَعب بن دومان بن بكيل. أما ديارها فتقع في الشرق الشمالي من مدينة صنعاء؛ حيث تشكل في أعمالها "مديرية" من مديريات محافظة صنعاء.
وقبيلة نهم من أهم القبائل اليمنية في الشمال وقد كان لها شهرة وصيت، ولا سيما قبل الإسلام، وقد ذكرها الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب بأنها كانت من أهم مصادر الثروات المعدنية في اليمن، ولا سيما منجم الرضراض الذي كان يستخرج الفضة منه.
وقد اشتهرت من نهم العديد من الشخصيات اليمنية من العلماء والوزراء والسياسيين والإداريين والمشائخ على مر العصور، والتي لعبت دوراً في تاريخ اليمن المعاصر سواء في ثورة 1948م أو ثورة 1958م أو ثورة 26سبتمبر 1962م، وآل أبو لحوم من كبار زعماء نهم من بكيل، وأشهرهم الشيخ سنان أبو لحوم (اطال الله عمره) الذي ارتبط نضاله برموز الحركة الوطنية: الزعيم المرحوم القاضي محمد محمود الزبيري وتوائم روحه الزعيم الوطني الكبير الاستاذ المرحوم احمد محمد نعمان والاستاذ المناضل الكبير اطال الله عمره محسن احمد العيني وغيرهم، والذي لعب دوراً كبير في الدفاع عن ثورة سبتمبر في المجال السياسي والعسكري، وأشهر أولاده الدكتور/ طارق أبو لحوم الذي أسس مستشفى العلوم والتكنولوجيا، وجامعة العلوم والتكنولوجيا ، والمهندس عبدالرب سنان أبو لحوم الذي كان له دور بارز في مجال النفط والاهتمام بالكنوز الحضارية، حيث أنه اقتنى العديد من القطع الأثرية النادرة والتي تشكل لوحدها متحفاً حضارياً ، وله طموح اقتصادي كبير باستغلال معادن اليمن التي توجد في منطقة نهم، وأهمها إنشاء سكة حديد لنقل كافة المواد الخام من المعادن اليمنية. وعلاقتي به علاقة صداقة ومحبة من القاهرة في بداية السبعينات من القرن الماضي، ومنهم المرحوم/ محمد عبدالله أبولحوم الذي كان محافظ محافظة حجة، ومنهم أخوه علي عبدالله أبو لحوم الذي كان من أوائل الضباط الذين قاموا بتفجير ثورة 1962م، والذي قام باحتلال الإذاعة في فجر 26سبتمبر1962م، وابنه السياسي المتزن المعروف محمد علي أبو لحوم.
ومن نهم أيضاً آل معصار؛ قبيلة وبلدة بمديرية نهم لهم الزعامة على قبية عيال منصور، ومن معاصريهم الشيخ محمد معصار، وهم في الأصل من قبائل مرهبة من نهم من بكيل. ومن نهم كذلك آل الشليف: وهم مشائخ عيال عفير في بلاد نهم. ديارهم في منطقة الحنشات منهم الشيخ درهم شايف الشليف المتوفي سنة 1418هـ 1997م. ومن مشائخ قبيلة نهم آل حاتم، منهم الشيخ يحيى بن علي حاتم، أحد مشائخ نهم في أول القرن الثالث عشر الهجري، ومنهم السياسي الشهير حاتم أبو حاتم الذي اشتهر بمحاربة الظلم والاستبداد وهو زميلي في الدراسة واخيه المهندس ناجي ابو حاتم الذي كان له دور في تصميم وادارة وتشغيل سد مأرب . وتقع منازل آل حاتم في قرية (بَرّان) الواقعة في وادي المنبج (الوادي الرابع من أودية الجوف ببلاد همدان). ومن مشائخ نهم بيت السداح.
ونهم موطن الثروات المعدنية والزارعية، والذهب والفضة.
وتنقسم قبائل نهم إلى الفروع التالية:
عيال غفير، ومنهم: بيت الشِلَيف وآل أبو حاتم ، والمَطَّيْرَه، والنِعَيْمَات، وبني بارق.
ثم الحَنَشَات، وهم: بيت عاصم، وبيت زهير، والجفور، والقمحيات.
ثم الجدعان في الجوف، ومنهم: آل حرمل، وآل جمعان، وآل خُضير.
ثم عيال منصور، ومنهم: بني مرهبه، وعِذَر مطره، وبني معصار، وبيت الذيب،
ثم عيال صِيَادْ، وهم فرعان: آل عواض، وآل فهد. ومن كبار مشائخ قبيلة نِهم: آل أبو لحوم، وآل مِعصار، وآل الشِليف، وآل الأعوج، وآل حاتم، وآل مريط. أما أهم بلدانهم فنذكر منهم: المديد، النخيله، النمصه، بَرّان، غيل الشليف، جبل يام، الخارد، ضبوعه، هران، الوقشه، قُطبين، حوره، وغيرها.
ومن أهم المعالم والآثار التاريخية في نهم:
منجم الرضراض
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه "الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة"، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها، وما تحوي من أشجار ومصادر مياه، والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم. وبالاعتماد على وصف "الهمداني" تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة (كرسيتان روبان)، ومجموعة من الجيولوجيين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم، في جبل صلب في "نهم"، الواقع في الوادي الفاصل – الحد – بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي (40كيلومتراً)، وقد ذكر "الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل "محمد بن يعفر" الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة (258هجرية) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف، وفتح حضرموت، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله، ولكنه في سنة (262هجرية) استخلف على الولاية ابنه "إبراهيم"؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، وخلالها جدد له الخليفة "العباسي الموفق" الولاية، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه "إبراهيم" الذي تولى الحكم من (262-272هجرية) بأمر من جده "يعفر" الذي أمره بقتل أبنائه "محمد" و "أحمد" سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه "محمد"، وعمه "أحمد" أبناء "يعفر" – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل (عشرين ألف درهم) ، أي ما يقابل (ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة) سنوياً، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه، وكان يقدر عددها بحوالي (أربعمائة فرن)، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم. وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر. أما مساحة المنجم فهي تقارب (عشرة هكتارات) تقريباً، ويتكون من منجم مكشوف و (ثلاثين سرداباً) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع، وأكبرها طوله حوالي (150متراً) وعرضه (30-40متراً) وارتفاعه (بضعة أمتار)، وله (عشرة آبار) عمقها يتراوح فيما بين (10-25متراً)، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام.
هجرة بهمان
بَهمان: قرية عامرة في رُبع عيال صَيّاد من نهم، وأعمال صنعاء في الشمال الشرقي منها، وتبعد عنها بنحو أربعين كيلو متراً تقديراً. كانت هجرة مشهورة، وصفها المقرائي في كتابه (مكنون السر) بقوله: "وهذه الهجرة من محاسن الجهة، وأهلها فقهاء فضلاء، أهل معارف، ونساؤهم كرجالهم في الديانة وقراءة القرآن. وقد نشأ منهم جماعةٌ في هذا الزمان نرجو بلوغهم الدرجات العاليات". ثم قال: "وهذه الهجرة هجرها الأعيانُ، وصرفوا فيها العنايات، وأخذوا لها الكفالات من القبائل وأهل الولايات، وأسسها أهاليهم على مقتضى حسن النيات، ووقف لها أهل الفضل والديانات، وعلى مسجدها الوقوفات الصالحات المعتبرات، وجعلوا مصرفها أهل العلم والحاجات، ومن وفد إلى مسجدها من المستحقين وأهل الطرقات، حتى صارت مقصودة لجميع الإرادات". ثم وصف المقرائي في كتابه المذكور ما جرى لهذه الهجرة ولأهلها من المحن فقال: "نعم لما أشرف علينا زمنٌ تغير فيه أهله، وانخلعوا عن الدين، ورفضوا الحق المستبين، وواخوا الشيطان و عصوا الرحمن حتى أفضى ذلك إلى هتك المحارم، ولم يبق شيء من قواعد القبائل قصد من قصد ممن اتصف بهذه الرذائل هتك أهل العلم وأهل الفضل، وإنزالهم عن درجاتهم؛ وكان من أعظم ذلك أن قصد جماعة من القبائل الكافلين لهجرة (بهمان) بيت الفقيه عماد الدين بن علي بن رفيق الله لنهبه بالليل، وطلعوا البيت من عرضه، ونهبوا ما فيه، وقتلوا الفقيه ظلماً وتعدياً، وهو متوقي عن نفسه وماله فقتل شهيداً مظلوماً في أحد شهور سنة 962هـ.
ومن العجيب أن القبائل من نهم وخولان الكافلين لهذه الهجرة لم يقوموا بواجبهم من الدفاع عنها في ذلك الحادث". وكانت هذه الحادثة من أسباب تحول أهل العلم عن هذه الهجرة وعن هجر أخرى في وادي السر، وانتقالهم حصن ذي مرمر، وإلى هجرة بني جرموز.
وعندما تصفحنا كتاب (مكنون السر في تحرير نحارير أهل السر) تأليف العلامة يحيى المقرائي وتحقيق العلامة زيد بن علي الوزير، لم نجد أي إشارة تفيد إلى أن هجرة بهمان تنتمي إلى ربع عيال صياد بنهم، وقد نُسبت هذه الهجرة إلى نهم (ربع عيال صياد) في كتاب القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع (هجر العلم ومعاقله في اليمن).
من أعلام مدينة نهم
1- أحمد بن حسن بن سعيد بركات: الصنعاني سكناً وموئلاً وأدباً، والنهمي نسباً، الفقيه الأديب اللوذعي الأريب، له شغلة بالعلوم، ويقرئ في الكثير منها، ويميل كثيراً إلى المفاكهة والمجالسة والمؤانسة، مع طبع لطيف، وأدب غض تحيف، وشعر رائق، وفكر دافق، غير مشغول بالدنيا، ولا سائل عنها، ولا يقول على أحد، لا تراه إلا باسماً، ولروح ريحان الأدب ناسماً، ومن شعره ما قاله:
أنا عند الجفاء أزداد ودًّا
لخليلي إذا جفاني الخليلُ
أصِلُ القاطعين في هذه الدا
ر لعلمي بأنها ستزولُ
مولده ليلة الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة 1125هـ، وتوفي في شهر محرم سنة 1196هـ.
2- الوزير احمد ابن علي بن هادي النهمي: المتوفي سنة 1186هـ وقد كان وزيرا للمهدي العباس لأكثر من خمسة وعشرين عاما , كما كان له اشتغال بفنون الأدب .
3- الوزير عبدالله بن احمد النهمي: وقد خلف والده أحمد بن علي بن هادي النهمي وزير المهدي العباس في الوزارة، وتوفي سنة 1196 هـ بعد أن أمضى في الوزارة نحو عشر سنوات.
4- العلامة المحقق عبدالله بن إسماعيل بن حسن بن هادي النهمي: أحد شيوخ الإمام الشوكاني، وقد ترجم له الشوكاني في كتابه (البدر الطالع) بقوله: لعله ولد بعد سنة 1150هـ ونشأ بصنعاء وكان والده والياً عليها؛ فقرأ على جماعة من مشائخها وبرع في النحو والصرف، وشارك مشاركة قوية في المنطق والمعاني والبيان والأصول ودون ذلك من الفقه والحديث والتفسير، ودرّس وانتقع به الطلبة. وهو أحد شيوخي في أوائل طلبي للعلم، ومات رحمه الله في شهر صفر سنة 1228هـ.
5- العلامة الفقيه المحقق علي بن إسماعيل بن حسن بن هادي النهمي الصنعاني: وهو الآخر ترجم له الشوكاني فقال في حقه: وهو بارع الذكاء، فائق الذهن، جيد الإدراك، حسن الأخلاق، كريم الصحبة، وله شغلة كبيرة بالعلوم العقلية والنقلية، واستفاد بفضل ذهنه الوقاد من غريب المسائل عجائب، وله ميل إلى الأدلة وعمل بما يصح منها. وله شعر، ضمنه معاني دقيقة نفيسة، وله إقبال على معالي الأمور، ورغبة في الشرف. مات سنة 1232هـ.
6 - اللواء محمد بن علي بن حسين النهمي: من المشاركين في تفجير ثورة 26 سبتمبر1962م، تولّى العديد من الأعمال القيادية في الجيش، عمل أميناً عاماً في المجلس المحلي الأول في صنعاء، ثم عمل سكرتيراً عاماً لمنظمة مناضلي الثورة اليمنية. وقد نشر مذكراته في جريدة الوحدة.
7 عبدالله بن محمد النهمي: مهندس اتصالات، وإداري قدير. هو الآخر له دور في العمل الوطني، من خلال عمله في الاتصالات السلكية واللاسلكية، وقد تولى أعمالاً إدارية كان آخرها رئيساً للمؤسسة العامة للاتصالات. وكان من زملائي في العمل، واشتركنا في تأسيس المؤسسة العامة للاتصالات مع عدد من الزملاء في وزارة المواصلات في حينها، وكان يتمتع بالكثير من الصفات الحسنة، وأهمها نزاهته وحبه لوطنه، ولم تتلوث يداه بالفساد..
ومن المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال: (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (اليمن الكبرى/ للأستاذ حسين بن علي الويسي)، (معالم الآثار اليمنية/ إعداد القاضي حسين أحمد السياغي/ من إصدارات مركز الدراسات والبحوث اليمنية – صنعاء)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (الموسوعة السكانية/للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (الموسوعة اليمنية/ من إصدارات مؤسسة العفيف الثقافية)، (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي/ للقاضي المرحوم إسماعيل الأكوع)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للمرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن دراسة موجزة للمحافظات/ تأليف المرحوم الأستاذ عبدالله بن أحمد الثور/ مطبوعات مطبعة الاستقلال الكبرى – القاهرة)، (شمس العلوم/ للعلامة الموسوعي نشوان الحميري)، (لسان العرب/ لأبن منظور)، (الإكليل/ للهمداني/ من إصدارات وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء/ مطبوعات 2004م)، (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع/ للقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني/ جمعه محمد محمد يحيى زباره/وضع حواشيه خليل المنصور)، (محافظة صنعاء وخيرات الوحدة 1990-2005م/ من إصدارات محافظة صنعاء)، (مكنون السر في تحرير نحارير السر/للعلامة المرحوم يحيى بن محمد بن حسين بن حميد المقرائي/ تحقيق العلامة زيد بن علي الوزير). ومن المراجع الالكترونية موقع المركز الوطني للمعلومات