يعيش مصطلح "الفتنة" عصره الذهبي هذه الأيام، ففي الكويت والبحرين و(السعودية) تنطلق "تحذيرات" على كافة المستويات من الفتنة المذهبية! وفي اليمن يوصف التحرك الزيدي الحوثي في الشمال بأنه فتنة داخلية لتقسيم البلاد وتشريد العباد، كما هو حال التحرك الجنوبي السلمي.
وفي الأردن يعتقل ويحاكم مواطنون شيعة "كادوا" يشعلون فتنة في المنطقة بعدما ثبت في سجلات المخابرات أنهما أهديا كتابا شيعيا لمواطن.
في واقع الأمر، تستخدم الأنظمة الديكتاتورية والجماعات التي تساندها مصطلح "الفتنة"، بمثابة الظفر الأخير الذي تتشبث به قبل سقوطها وتحطيمها على أيدي شعوبها وجماهيرها. إن النصوص الدينية تقول أنه عندما يحين وقت الفتن فإن القاعد أفضل من القائم والقائم أفضل من الساعي، وهذه الحكومات والأنظمة والجماعات المملوءة بالرعب من مواطنيها لا تبحث في هذا الوقت سوى عن مصطلح يحبّذ القعود ويحفّز على عدم السعي.
في الكويت على سبيل المثال، وبدلا من أن يُنظر للتحرك الشيعي الأخير نحو الإزدهار السياسي والفكري والإعلامي، على أنه تطور نوعي في تركيبة الدولة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني، نجد أولئك المتعصبين ضد الشيعة مذهولين من هذا الإصطفاف الحضاري، وينظرون إليه بعين الريبة منذ بدأت بوادره. وحينما لاحظوا أن هذا الإصطفاف يأتي بالتوازي مع وعي شيعي شعبي يهدف إلى المشاركة الفعالة في بناء الوطن، أصبحوا يصفون التحرك الشيعي بالفتنة!
بكلمة واحدة، يصبح التطوير الذاتي الساري على مجموعة فعالة في الوطن مجرد فتنة! إن هذا المصطلح في معناه اللغوي يعني الإقتتال فهل يرى هؤلاء أن فوز الشيعة بـ 18 بالمئة من مقاعد البرلمان الكويتي هو إعلان حرب؟ والفتنة تعني الإبتلاء، فهل يظنون أن النهضة الإعلامية لدى الشيعة هي مجرد ابتلاء لهم ليقيّموا أدواتهم ويرتبوا صفوفهم ويعودوا للسيطرة المطلقة؟ والفتنة أيضا هي الإعجاب، فهل يتخوفون إلى هذا الحد من عدوى شيعية حضارية تستقطب مجموعات الشعب الأخرى فيتبنون بدورهم برامج حداثية وأفكار ديمقراطية للمشاركة في عمران الوطن والمجتمع؟
إن هناك أحاديث كثيرة بعضها يرد من الكويت وبعضها يتجه إليها، أحاديث مملوءة بالفزع وكأن الكويت على وشك حرب طاحنة. فهناك من يردد أن البلد على شفير الهاوية الفارسية، ويبرهن على وجهة نظره بالقفزة الإعلامية التي تمكن شيعة الكويت من إحرازها في عمل سلمي جماعي هادئ، أداروه بصمت فأنتجوا منه مشاريع إعلامية عززت الفكر الديمقراطي والتعددي في البلد. فالمتعصبون ضدهم يريدون أن يبقى الشيعة دائما على هوامش الصحف والمؤسسات القائمة، ويندهشون عندما يجدون هذا الإستقطاب الإعلامي الذي لم يتمكنوا من الوصول إلى مستواه إلا في حالات استثنائية وبوقوف الدولة بأكملها خلفهم. وبما أنهم يقيسون الشيعة بأنفسهم، فهم يصابون بالذهول لهذا التمكن والتخطيط الذي أثمر عن خطوات عملاقة على المشهد السياسي والإجتماعي في الكويت، فيحاولون التشويش على هذه الأعمال العظيمة، بنسبتها إلى الدعم الإيراني أو المخططات الفارسية أو مشروع الهيمنة الشيعي الأممي!
إن ما سيتعلمه الكويتيون ممن يصفون ما يجري بالفتن، هو أن هذه الخطوات الشيعية هي من سيقود بلادهم نحو الإزدهار. وسيعرفون خلال وقت قصير أن عليهم إتباع أثر الشيعة بدلا من المحاولات المستميتة للتخويف منهم. فالقطار قد انطلق ومن يريد أن ينافس عليه أن يصعد السكة لا أن يضع الأحجار عليها لإعاقة الآخرين وإبقائهم في محله المتراجع.
وسيدرك الكويتيون، لأنهم شعب ذكي بالفطرة، أن محاولات وصف الماضي الذي كان يُسحق فيه الشيعة، بأنه ماضٍ جميل تعمّ فيه الأخوّة وتنعدم فيه الخلافات وينتشر فيه الصفاء، ليس سوى وصف خالٍ من القيمة. فصفاء المجتمع لا يعني خضوع مكوّناته لمكوّن وحيد مسيطر، وانعدام الخلافات والمجادلات لا يعني شيئا مع حرمان الأطراف الأخرى من أبسط المنابر. كما أن الأخوّة التي يتباكون عليها كثيرا، أمر لا علاقة له بالسعي لاستخلاص الحقوق الطبيعية. إنهم عندما يسترجعون ما يسمونه بالماضي الجميل المليء بالأخوّة، لا يعبّرون عن رغبتهم في الأخوّة كقيمة اجتماعية سامية، بل يقصدون بالأخوّة الماضية: السيطرة المطلقة على مكونات المجتمع الأخرى،
فقانونهم هنا: إما أن تكون أخي فآكل حقك وأنت تبتسم، أو أن تكون عنصرا من عناصر الفتنة! ولا منزلة لديهم بين المنزلتين. وعندما تقول لأحدهم، كن أخي وأعطني حقي، فهو يندهش من ذلك. لأن طبيعة القمع جين وراثي فكري لدى المجموعات المسيطرة المنغمسة في السلطة.
وفي الأردن يعتقل ويحاكم مواطنون شيعة "كادوا" يشعلون فتنة في المنطقة بعدما ثبت في سجلات المخابرات أنهما أهديا كتابا شيعيا لمواطن.
في واقع الأمر، تستخدم الأنظمة الديكتاتورية والجماعات التي تساندها مصطلح "الفتنة"، بمثابة الظفر الأخير الذي تتشبث به قبل سقوطها وتحطيمها على أيدي شعوبها وجماهيرها. إن النصوص الدينية تقول أنه عندما يحين وقت الفتن فإن القاعد أفضل من القائم والقائم أفضل من الساعي، وهذه الحكومات والأنظمة والجماعات المملوءة بالرعب من مواطنيها لا تبحث في هذا الوقت سوى عن مصطلح يحبّذ القعود ويحفّز على عدم السعي.
في الكويت على سبيل المثال، وبدلا من أن يُنظر للتحرك الشيعي الأخير نحو الإزدهار السياسي والفكري والإعلامي، على أنه تطور نوعي في تركيبة الدولة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني، نجد أولئك المتعصبين ضد الشيعة مذهولين من هذا الإصطفاف الحضاري، وينظرون إليه بعين الريبة منذ بدأت بوادره. وحينما لاحظوا أن هذا الإصطفاف يأتي بالتوازي مع وعي شيعي شعبي يهدف إلى المشاركة الفعالة في بناء الوطن، أصبحوا يصفون التحرك الشيعي بالفتنة!
بكلمة واحدة، يصبح التطوير الذاتي الساري على مجموعة فعالة في الوطن مجرد فتنة! إن هذا المصطلح في معناه اللغوي يعني الإقتتال فهل يرى هؤلاء أن فوز الشيعة بـ 18 بالمئة من مقاعد البرلمان الكويتي هو إعلان حرب؟ والفتنة تعني الإبتلاء، فهل يظنون أن النهضة الإعلامية لدى الشيعة هي مجرد ابتلاء لهم ليقيّموا أدواتهم ويرتبوا صفوفهم ويعودوا للسيطرة المطلقة؟ والفتنة أيضا هي الإعجاب، فهل يتخوفون إلى هذا الحد من عدوى شيعية حضارية تستقطب مجموعات الشعب الأخرى فيتبنون بدورهم برامج حداثية وأفكار ديمقراطية للمشاركة في عمران الوطن والمجتمع؟
إن هناك أحاديث كثيرة بعضها يرد من الكويت وبعضها يتجه إليها، أحاديث مملوءة بالفزع وكأن الكويت على وشك حرب طاحنة. فهناك من يردد أن البلد على شفير الهاوية الفارسية، ويبرهن على وجهة نظره بالقفزة الإعلامية التي تمكن شيعة الكويت من إحرازها في عمل سلمي جماعي هادئ، أداروه بصمت فأنتجوا منه مشاريع إعلامية عززت الفكر الديمقراطي والتعددي في البلد. فالمتعصبون ضدهم يريدون أن يبقى الشيعة دائما على هوامش الصحف والمؤسسات القائمة، ويندهشون عندما يجدون هذا الإستقطاب الإعلامي الذي لم يتمكنوا من الوصول إلى مستواه إلا في حالات استثنائية وبوقوف الدولة بأكملها خلفهم. وبما أنهم يقيسون الشيعة بأنفسهم، فهم يصابون بالذهول لهذا التمكن والتخطيط الذي أثمر عن خطوات عملاقة على المشهد السياسي والإجتماعي في الكويت، فيحاولون التشويش على هذه الأعمال العظيمة، بنسبتها إلى الدعم الإيراني أو المخططات الفارسية أو مشروع الهيمنة الشيعي الأممي!
إن ما سيتعلمه الكويتيون ممن يصفون ما يجري بالفتن، هو أن هذه الخطوات الشيعية هي من سيقود بلادهم نحو الإزدهار. وسيعرفون خلال وقت قصير أن عليهم إتباع أثر الشيعة بدلا من المحاولات المستميتة للتخويف منهم. فالقطار قد انطلق ومن يريد أن ينافس عليه أن يصعد السكة لا أن يضع الأحجار عليها لإعاقة الآخرين وإبقائهم في محله المتراجع.
وسيدرك الكويتيون، لأنهم شعب ذكي بالفطرة، أن محاولات وصف الماضي الذي كان يُسحق فيه الشيعة، بأنه ماضٍ جميل تعمّ فيه الأخوّة وتنعدم فيه الخلافات وينتشر فيه الصفاء، ليس سوى وصف خالٍ من القيمة. فصفاء المجتمع لا يعني خضوع مكوّناته لمكوّن وحيد مسيطر، وانعدام الخلافات والمجادلات لا يعني شيئا مع حرمان الأطراف الأخرى من أبسط المنابر. كما أن الأخوّة التي يتباكون عليها كثيرا، أمر لا علاقة له بالسعي لاستخلاص الحقوق الطبيعية. إنهم عندما يسترجعون ما يسمونه بالماضي الجميل المليء بالأخوّة، لا يعبّرون عن رغبتهم في الأخوّة كقيمة اجتماعية سامية، بل يقصدون بالأخوّة الماضية: السيطرة المطلقة على مكونات المجتمع الأخرى،
فقانونهم هنا: إما أن تكون أخي فآكل حقك وأنت تبتسم، أو أن تكون عنصرا من عناصر الفتنة! ولا منزلة لديهم بين المنزلتين. وعندما تقول لأحدهم، كن أخي وأعطني حقي، فهو يندهش من ذلك. لأن طبيعة القمع جين وراثي فكري لدى المجموعات المسيطرة المنغمسة في السلطة.